-: عين الاخبارية :- شاركت يومي الأربعاء والخميس الماضيين في أعمال المؤتمر الرابع للقدس، الذي تم افتتاحه في قصر الثقافة في مدينة رام الله بخطابين مهمين للغاية من الرئيس الفلسطيني أبو مازن وضيفه الرئيس المالديفي محمد وحيد، وبحضور وفود من المغرب والجزائر وتونس ومصر والأردن وسلطنة عمان وأثيوبيا وتركيا وسريلانكا وجزر المالديف، ووفد عراقي لم يصل بسبب اجراءات الاحتلال، ومشاركة فلسطينية كبيرة من غزة وداخل الخط الأخضر، وكانت الأوراق والأبحاث والمداخلات تدور جميعها حول موضوع واحد متعدد الأبعاد وهو وضع الأوقاف الإسلامية والمسيحية في القدس تحت الاحتلال الإسرائيلي.
الانطباع الأول:
أن مؤتمر القدس الرابع، الذي هو امتداد للمؤتمر الذي عقده مفتي القدس وزعيم فلسطين الحاج أمين الحسيني في عام 1931، الذي كان تحسس في وقت مبكر الخطر الذي كان يستهدف مدينة القدس بالمعنى الديني والتاريخي والسياسي من قبل الحركة الصهيونية وحلفائها في العالم، فعقد مؤتمر القدس في ذلك الوقت ودعا إليه قادة وزعماء العرب والمسلمين طالباً منهم أن يروا الخطر وأن يقوموا بواجباتهم.
الانطباع الثاني:
أن مؤتمر القدس الرابع عقد في ذكرى الإسراء والمعراج، وهو تأكيد على أن القدس هي جزء عضوي من العقيدة ومن الملامح الحضارية للأمة بالإضافة إلى كونها قضية سياسية ووطنية من الدرجة الأولى!!! كما عقد المؤتمر في ذكرى الخامس من حزيران التي تثبت بالوثائق فيما بعد، أن القدس هي التي كانت مستهدفة من قبل إسرائيل وحلفائها في تلك الحرب قبل ست وأربعين سنة، وبالتالي فإن آثار تلك الحرب العدوانية لم تنته بعد، ولن تنتهي قبل عودة القدس عاصمة لدولة فلسطين.
الانطباع الثالث:
أن الأبحاث والأوراق التي قدمت «خمسون بحثاً» تعطي مزيداً من المعرفة حول القدس، والمعرفة قوة، لكن السؤال هو، كيف تتحول هذه المعرفة لدى أمتنا العربية والإسلامية إلى ثقافة عربية؟؟؟ كيف تصبح القدس حاضرة في حياة الملايين من العرب والمسلمين إلى حضور يومي، وحضور عبر التفاصيل الفعلية والعملية، وإلى واجب عملي يشارك فيه ملايين العرب والمسلمين وليس مجرد شعارات جوفاء معزولة عن الواقع مثل تكرار القول بأن القدس وقف عربي ووقف إسلامي!!! ناهيكم عن السقوط المدوي والفاضح الذي سقط فيه بعض رجال الدين المسلمين، وبعض رجال السياسية المسلمين من خلال فتاوى دينية ومقولات سياسية يصرحون بها كالشياطين تحرم زيارة القدس تحت الاحتلال، دون أدنى سند شرعي أو فقهي، وهي مقولة إسرائيلية مئة في المئة يرددها البعض بعلم ومدفوعة الأجر لديهم، بينما يرددها البعض دون علم ولا تبصر!!!
المهم:
أن حضور هذا العدد من الوفود العربية والإسلامية كسر القاعدة التي تشكل الخطيئة، وهي قاعدة التحريم التي يتاجر بها الشيخ يوسف القرضاوي ويتقرب بها إلى الصهاينة وحلفائهم هو ومن على شاكلته من المنافقين!!! نعم هذه القاعدة انكسرت، ونأمل في العام المقبل أن يكون الحضور اوسع وأكبر، كما نأمل بأن ينعقد مؤتمر القدس المقبل تحت عناوين عملية وميدانية واضحة مثل عنوان ما هو مطلوب مادياً وعملياً بصمود القدس وأهلها المقدسيين في وجه جنون الاستيطان والتهويد الذي تمارسه الحكومات الإسرائيلية؟؟؟
على المستوى الشخصي:
فرحت كثيراً ببعض الأوراق والأبحاث الجديدة التي قدمت للمؤتمر، وخاصة تلك الأوراق التي تحدثت عن طرق التحايل القانوني التي يلجأ إليها الإسرائيليون للاستيلاء على القدس والأماكن المقدسة، ومثلاً الأوراق التي طالبت بحضور القدس في المناهج العلمية والتربوية في المدارس والجامعات العربية والإسلامية!!! وكذلك الدعوة إلى التوسع في كشف القناع الزائف عن وجه الادعاءات الإسرائيلية بالوجود القديم في القدس، والأوراق التي تدعو الفلسطينين هذه الأيام لمعرفة كيفية الدفاع عن ممتلكاتهم وأراضيهم أمام المحكمة الدولية….الخ فهذه الأوراق وغيرها أقرب إلى التفاعل الميداني وليس فقط الوعي النظري.
هذه تحية للأخ والصديق العزيز الدكتور محمود الهباش وزير الأوقاف الذي لعب دوراً رئيسياً في انعقاد ونجاح هذا المؤتمر ووصول هذا العدد من الوفود، كما أتوجه بالتحية إلى طاقم وزارة الأوقاف الذي بذل جهداً مشكوراً، وإلى الهيئات الوطنية التي رعت هذا المؤتمر!!! فالقدس تستحق أكثر وأكثر، وإنها لؤلؤة عصورنا، ومهوى قلوبنا، وجوهر معركتنا بأننا نستحق أن نكون.
Yhya_rabahpress@yahoo.com