-: عين الاخبارية :- فوجئ نتنياهو بالإعلان عن أن زيارة الرئيس الأميركي أوباما، باتت قريبة، بل قريبة جداً، بعدما كان من المقرر أن تقع هذه الزيارة في حزيران القادم بأن يحل أوباما ضيفاً على الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس بمناسبة “مؤتمر الرئيس”، زيارة أوباما إلى كل من إسرائيل وفلسطين والأردن في العشرين من آذار القادم أربك القيادة الإسرائيلية، ما دفع برئيس الحكومة الى إيفاد مبعوثه الخاص المحامي يتسحاق مولخو إلى واشنطن هذا الاسبوع، ومولخو يترأس، أيضاً، الوفد الإسرائيلي للمفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية، الأمر الذي يتناقض مع تصريحات عديدة، أميركية وإسرائيلية. إن زيارة أوباما للمنطقة، تتمحور حول قضيتي إيران وسورية، مع “احتمالات” بحث ملف المسيرة السلمية على الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، وحتى في حال بحث هذا الملف فإن محيط المستشارين لنتنياهو، بدأ بخفض مستوى التوقعات على هذا الملف، بالقول، إنه لا يوجد تغيير في سياسة نتنياهو الاستيطانية وإنه لا يعتزم تجميد الأعمال في هذه المستوطنات في إطار المحاولات لاستئناف المفاوضات، كما نفى هؤلاء، أية نية لدى نتنياهو بالموافقة على تجميد البناء في المستوطنات المعزولة التي تقع خارج نطاق الكتل الاستيطانية الثلاث وهي “ارئيل” و”معاليه أدوميم” و”غوش عتصسيون” التي تعتبر إسرائيل أنها ستبقى تحت سيادتها في ظل أي اتفاق محتمل مع الجانب الفلسطيني.
هذا النفي المتكرر، لأي تغيير على الخارطة الاستيطانية في ظل حكومة نتنياهو، جاء بعد أن تردد على لسان العديد من المحللين السياسيين في إسرائيل، من أن نتنياهو يرسل رسالتين متناقضتين حول العملية الاستيطانية، حيث أنه بينما يعلن عن تمسكه بخططه هذه، إلاّ أنه في الواقع، سيكون مضطراً إلى إجراء تعديلات جوهرية على خططه الاستيطانية، بناء على عدة آراء صدرت عن مقرّبين من نتنياهو، حول هذه المسألة، فرئيس مجلس الأمن القومي يعقوب عميدور، مثله مثل مبعوث نتنياهو الخاص مولخو ـ آنف الذكر ـ لم يستبعدوا تجميداً مؤقتاً للبناء في المستوطنات المعزولة مقابل استئناف العملية التفاوضية برعاية أميركية وتنفيذ الجانب الفلسطيني لتعهد بعدم التوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية، يفسر عميدور رأيه بالقول إن البناء الاستيطاني تسبب بفقدان إسرائيل أكبر أصدقائها في الغرب، ولم يعد الموقف الإسرائيلي بهذا الصدد مقنعاً لأي صديق لإسرائيل، بينما يقول وزير شؤون الاستخبارات دان مريدور أن مواصلة البناء في المستوطنات يمس بصورة إسرائيل في العالم ويتناقض، أيضاً، مع الموقف المعلن لحكومة نتنياهو بشأن حل الدولتين للصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، خاصة وأن البناء خارج الكتل الاستيطانية ـ يضيف مريدور ـ يشكل خطراً على المشروع الصهيوني ومن شأنه أن يؤدي إلى نشوء دولة ثنائية القومية بين نهر الأردن والبحر المتوسط؟ّ!
أما التحوّل الأكثر أهمية في هذا السياق، فقد عبر عنه نائب وزير الخارجية داني أيالون عندما طالب إسرائيل الاعتراف بعضوية فلسطين في الأمم المتحدة باعتبار ذلك “أساساً” للمضي نحو الاتفاقات المستقبلية بين الجانبين، أيالون لم يقف عند هذه الدعوة، بل توقع، أيضاً، أن يعقد اجتماع ثلاثي يضم كل من أبو مازن ونتنياهو وأوباما عند زيارة هذا الأخير للمنطقة، وبحيث ينضم إلى هذا الاجتماع لاحقاً، العاهل الأردني الملك عبد الله، وذلك في العاصمة الأردنية عمّان.
مع ذلك ينشغل طاقم نتنياهو بتخفيض حجم التوقعات حول أي تغيير في السياسة الاستيطانية، وحتى بالتشكيك في أن جدول أعمال اللقاء الأميركي ـ الإسرائيلي سيتناول بشكل رئيسي ملف المفاوضات الإسرائيلية ـ الفلسطينية، مع ذلك تبقى زيارة أوباما للمنطقة بالغة الدلالة، إذ انها لا تستهدف تأييد إسرائيل واللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة في الانتخابات الرئاسية القادمة، إذ انه ـ أوباما ـ في ولايته الثانية والأخيرة، كما انه خرج عن التقليد الرئاسي الأميركي، حيث أن معظم رؤساء الولايات المتحدة سبق وأن زاروا إسرائيل إبان الولاية الأولى، وفي آخرها تحديداً، بينما قام أوباما، في الأسابيع الأولى لولايته الأولى بزيارة تركيا ومصر، وتقرب إلى العرب والمسلمين، ولم يقم بزيارة إلى إسرائيل، كما كان منتظراً لكنه يزورها الآن، وهو متحلل من أن توصف زيارته بالانتهازية الانتخابية، كما أنها تأتي في توقيت دقيق، إذ ان كلاً من أوباما ونتنياهو، قد حصلا على ولاية ثانية في واشنطن وتل أبيب، والفارق الوحيد، أن إدارة أوباما قد استقرت تماماً، بينما لا تزال أمام نتنياهو أزمة تشكيل حكومة، حيث يبقى الملف التفاوضي على رأس قائمة الاهتمامات التي ينطوي عليها التشكيل المحتمل على ضوء نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة!
ويقال إن الرئيس الأميركي، لن يتقدم بمبادرة جديدة حول العملية التفاوضية، وهذا صحيح تماماً، إذ إن الأمر لا يحتاج إلى أية مبادرة جديدة، بل الى جهود لاستئناف هذه العملية التي تتطلب وقف أو تجميد العمليات الاستيطانية، ولا شك أن أوباما سيستثمر المستجدات على الخارطة السياسية والحزبية في إسرائيل لصالح هذا الأمر، سواء كانت حكومة نتنياهو تستند إلى أغلبية يمينية، أو أغلبية من أحزاب الوسط، لذلك كله لا يجب التقليل من أهمية هذه الزيارة بنفس القدر الذي لا ينبغي رفع سقف التوقعات منها!