علامات على الطريق استعدادا لما بعد التصويت بقلم د.يحيى رباح
ما يثير لدي بعض الأمل، بأن معركة التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ستنتهي على خير إن شاء الله، وتحصل على عضوية غير كاملة لدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية، وأن إسرائيل ? بقدها وقديدها ? وبحلفائها الكبار، والمتساوقين معها من الصغير، إسرائيل هذه، لا تكتفي بحملتها الدبلوماسية والدعائية التي تشمل رقعة العالم، بهدف تشويه المطلب الفلسطيني العادل، بل تذهب إلى ما هو أبعد، بهذا التحالف الذي أبرم بين نتنياهو وليبرمان، وبين الليكود وإسرائيل بيتنا، حتى وان على حساب الليكود، بإعداد العدة للمواجهة لما بعد التصويت، وأن كل ذلك تم تحت سقف التهديد العسكري، والأداء العملياتي في الميدان، وهو الميدان الذي قد يتجاوز الأرض الفلسطينية إلى ما هو أبعد من ذلك.
إسرائيل تخاف إلى حد الهستيريا من الصورة القادمة، فلسطين دولة تحت الاحتلال، بعض الناس يتساءلون أين هي الإضافة الجديدة؟
والجواب أن الإضافة تشكل انقلابا جذريا في قواعد اللعبة العتيقة المأساوية المستمرة بيننا وبين إسرائيل منذ عقود، حول هوية الأرض، هل هي ناجزة ومحددة وواضحة كما نقول نحن طبقا لقرارات الشرعية الدولية، أم هي كما تقول إسرائيل أرض متنازع عليها، لم تتحدد هويتها بعد، وبالتالي فإن ما تفعله إسرائيل بالأرض لا يقع تحت طائلة العقوبة والقانون.
المعركة إذن كبيرة، ولقد تسلحت القيادة الشرعية الفلسطينية ورأسها الأخ أبو مازن بكل الشجاعة المطلوبة، وبكل الجهد المطلوب الذي اقتضى مخاطبة الجميع في العالم بدون استثناء.
إسرائيل، وخاصة في السنوات الأخيرة بعد نجاحها الكبير في صياغة الانقسام واستمراره، حاولت أن تقلل من شأن القضية الفلسطينية، بل وصل الأمر إلى حد اعتقاد هذا المهووس ليبرمان لأنه سيشطبها من وزارة خارجيته نهائيا، وها هو اليوم يدفع مئات الملايين، ويستنفر كل حلفائه والمتساوقين معه لكي ينظم حملة دعائية سوداء ضد صعود هذه القضية إلى التصويت، وضد حضورها من جديد في قاعة العضوية في الأمم المتحدة، وهذه الحالة الإسرائيلية المضادة قد تتطور بعد التصويت إلى عمل عسكري، إلى عدوان، وقد يكون العمل أكبر إذا نجح التصويت وتغيرت قواعد اللعبة، ووجدت إسرائيل نفسها أمام معادلة جديدة.
ولذلك فإن مفردات المعادلة الفلسطينية يجب أن تصيغ العلاقة بينها في معادلة جديدة، بدل أن تظل تحت سقف هذا الانقسام الذي لا تفعل فيه شيئا سوى تدمير الذات الوطنية.
ما دامت إسرائيل تستعد لما بعد التصويت، فيجب أن نستعد أيضا، وأول خطوة في هذا الاستعداد هو الخروج من الوضع الشاذ، والصعود إلى المصالحة.