عين الاخبارية-القدس- في مقابلة مطولة مع صحيفة “إسرائيل اليوم” بمناسبة عيد “يوم الغفران” والذي يصادف اليوم حيث من المتوقع أن يحتفل الآلاف من الإسرائيليين بهذا اليوم تحدث وزير الجيش الإسرائيلي أيهود باراك عن تجاربه التي وصفها بالقاسية إبان حرب أكتوبر عام 1973م الذي كان آنذاك مسئولاً عن إحدى الكتائب الإسرائيلية المشاركة في الحرب، مؤكداً في بداية حديثه للصحيفة على وجوب اتخاذ القرارات أحياناً في المكان والوقت الذي يكون فيه القائد موجود.
ويترك باراك للصحيفة من أجل أن تتجه كيف ستتخذ “إسرائيل” قراراتها باتجاه عدة أمور تعيشها في الوقت الراهن خاصة فيما يتعلق بالملف الفلسطيني والتفاوض بين الجانبين وما طرحه مؤخراً من خطة انسحاب من طرف واحد من أراضي الضفة الغربية أو إلى الشأن الإيراني وما تؤول إليه التصريحات والتهديدات الأخيرة بين الجانبين أو إلى الحكومة الإسرائيلية المقبلة التي يبقى السؤال حولها من الذي سيقوم بتشكيلها في الفترة المقبلة.
الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
خصص باراك جزءاً كبيراً من الحديث عن قضية الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين قائلاً “يجب علينا العمل لمصلحة إسرائيل في اتخاذ قرار حاسم بشأن الضفة الغربية”، مطالباً بإخلاء عشرات المستوطنات إلى الكتل الاستيطانية كما يجب علينا أن نمكن المستوطنين الذين لا يرغبون في الإخلاء من أن يكونوا تحت سلطة وحكم الفلسطينيين.
ويُبين باراك بقوله “نحن الآن في وضع هدوء في المناطق واحتكاك دائم في غزة وهذا الهدوء في الضفة الغربية هو في زمان مستعار في الأمد البعيد،وفي غزة لن يستمر طويلا فعندنا اهتمام في أعلى رتبة لأن ندفع قدما بمسيرة سياسية مع الفلسطينيين وان نحث بالقوة على حل “دولتين للشعبين”.
ويضيف باراك “أنا يقظ وأفهم الواقع، وأنا أعلم ان ليس من المؤكد انه يمكن التوصل معهم الى تسوية دائمة وليس من المؤكد ان يمكن التوصل الى تسوية مرحلية أصلا، ولذلك أكرر قولي أنه في حال لم يتم إحراز تقدم في تسوية دائمة أو تسوية مرحلية يجب أن نضطر للعمل من طرف واحد من أجل توقف الانزلاق الذي بدأ يظهر على السطح مؤخراً.
ويؤكد باراك على أنه لا يعتقد أنه يجب ان نُبعد عن اعتبارنا التقديرات الأمنية، وأنا على يقين من أن الكتل الاستيطانية يجب ان تبقى في أيدينا، وأنا على يقين من أن المنشآت الإستراتيجية يجب أن تبقى في أيدينا وأنا على يقين من أن وجوداً عسكرياً على خط الأردن يجب ان يبقى زمناً طويلاً جداً.
وأشار إلى أنه يجب التوصل الى هذا الاتفاق باتفاق مع الفلسطينيين، لكن إذا لم ينجح هذا فينبغي استعمال إجراءات عملية لبدء الانفصال وتحديد حدود في داخل “إسرائيل” تشبه مسار الجدار مع الكتل الاستيطانية وبهذا فقط نُمكّن من إنشاء كيان فلسطيني يكون دولة في الجانب الثاني، مؤكداً على أن هذه مصلحة عليا لـ”إسرائيل” وليست تفضلا نتفضل به على أحد”.
وإليكم الحوار التالي الذي أجرته الصحيفة مع باراك بمناسبة عيد “يوم الغفران”:
كم مستوطنة ستُخلى في إطار إعادة الانتشار من جديد التي تتحدث عنها؟
“أرى في عيني وروحي انه سيبقى في الكتل الاستيطانية الكبيرة 320 ألف مستوطن، أي ما نسبته 80 % الى 90 %، كما أنه يوجد بضع عشرات آلاف من السكان في بضع عشرات مستوطنات متفرقة سنضطر الى إعادتهم الى البيت في خلال بضع سنين.
وتابع باراك “سنضطر في المرحلة الأولى الى ان نعرض عليهم تعويضاً ولا يجوز تكرار أخطاء الانسحاب من غزة، يجب في البدء إنشاء مستوطنات في الكتل الاستيطانية وسيحتاج إنشاء مستوطنة الى ثلاث سنين، بعد ذلك ينبغي تمكين المستوطنات التي تريد الانتقال على أنها مجتمع كامل الى داخل الكتل الاستيطانية أو الى داخل إسرائيل من ان تفعل ذلك”.
خطة باراك من أجل الانفصال
ويكمل باراك حديثه حول خطة الانفصال الذي طرحها مؤخراً “ومن أراد ان يأخذ تعويضا ويرتب أموره وحده فليفعل، ومن استقر رأيه مع كل ذلك على البقاء في المنطقة التي تقرر ان تُنقل بالتدريج الى مسؤولية فلسطينية فسيتقرر ان تكون له فرصة ان يزن هذا في غضون سنين ويستطيع آنذاك ان يبت أمره أيريد البقاء هناك أم يعود الى الداخل”.
“حان وقت ان ننظر في عين المجتمع الإسرائيلي بأن نقول نجحنا في ان نبقي في داخل إسرائيل بين 80 – 90 في المائة من المستوطنين الذين جاءوا الى هناك خلال سنين بمبادرة الحكومة وتشجيعها”، مشيراً إلى أنه سيكون انجازا كبيرا إذا نجحنا في جلبهم إلى “إسرائيل” صحيح انه ستكون هناك مستوطنات متفرقة لن يكون مناص من إعادتها الى البيت أو تمكينها من محاولة العيش تحت السلطة الفلسطينية.
“لا أدعي قول إنني أملك جميع التفصيلات وانه يمكن في الغد صباحا بدء ذلك، فليس ذلك أمرا سهلا”، يجب ان نرى بإزاء أعيننا الحاجة الى التقدم، وسيساعدنا هذا جدا لا مع الفلسطينيين فقط، بل مع دول المنطقة التي تنتظر هذا الشيء ومع الأوروبيين ومع الإدارة الأمريكية.
“أنا أومن ان هذا سيفضي آخر الأمر الى تكتل داخلي بيننا إذا حدث ذلك عن حوار مسئول مع المستوطنين في الضفة الغربية، هذا قرار غير سهل لكن يوم الغفران هو يوم محاسبة النفس وهذا زمان جيد كي ننظر عشرات السنين الى الوراء وعشرات السنين الى الأمام ونقول: لم نعد دولة طفلة، فنحن دولة عمرها 64 سنة، ولسنا في الضفة الغربية منذ سنة أو سنتين بل منذ 45 سنة، فقد حان وقت اتخاذ قرارات لا تنبع فقط من الايدولوجيا والشعور الغريزي بل من قراءة باردة للواقع”.
يقول باراك “يجب أن نحتضن المستوطنين، فقد جاء أكثرهم الى هناك بشعور برسالة من قبل حكومات إسرائيل على اختلاف أجيالها أو بموافقتها، ولا استطيع أنا باعتباري وزير الجيش ان أتجاهل وجودهم القوي في الصف الأول في كل وحدة هجومية في الجيش الإسرائيلي، فهم عامل مهم جدا في المجتمع الإسرائيلي”.
هل أنت متيقن من مكانك في هذه الحكومة، مع هذا التوجه؟
“نظام حكمنا برلماني، والحكومة هي ائتلاف أحزاب، وكل واحد له تفضيلاته لشئونه الخاصة وأنا أومن ان أحد أسباب وجود حزب الاستقلال الذي أترأسه وبقائه في الحكومة ان يفضي الى ألا تكون هذه حكومة يمين فقط بل ان يُسمع فيها صوت واضح في المركز، وأنا منتبه الى أنني لست الأكثرية في الحكومة وأنا أحترم الأكثرية، وليس عرضا ان اقتبست خطبتي رئيس الحكومة في بار ايلان وفي الولايات المتحدة”.
“أبو مازن الأفضل لإسرائيل”
يعلن وزير الخارجية أن أبو مازن ليس شريكا، ألم يعد أبو مازن ذا صلة؟
“أبو مازن هو زعيم السلطة المنتخب وقد انتخب بطريقة أكثر ديمقراطية من انتخاب بشار الأسد ولا أريد ان أذكر آخرين، هكذا يجب ان ننظر إليه وهو رجل جدي وزعيم فلسطيني، وهو لا ينتسب الى الحركة الصهيونية، وليس من سلام الآن ومن المؤكد انه ليس من حركة بيتار، انه مُحادثنا اليوم ومن المؤكد انه شريك.
“أنا متيقظ في هذا الشأن وليست عندي أوهام، ولست أعتقد انه كان يكفي لو أردنا أكثر كي يكون سلام، وأنا اعتقد ان الحكومة على حق في هذا الشأن، فمعظم المسؤولية ملقى على الجانب الفلسطيني”.
“اخطأ الأمريكيون والأوروبيون الكثير من المرات ويعرض لي أكثر من مرة ان أذكر الفرق بين المتفائل والمتشائم في الشرق الأوسط: فالمتشائم هو متفائل ذو تجربة، ومع ذلك لا يجوز لنا ان نعمل عن فكرة ان جميع التنبؤات الكئيبة قد تتحقق”.
“لهذا أقول لكل من ينتقد أبو مازن: هل يوجد شخص آخر في مكانه؟ ماذا تريدون أن نساعد على دفع أبو مازن الى الخارج؟ ومن منكم يعلم انه لن يأتي ناس مثل حركة حماس بدلا منه؟ هناك من يجيبون بأن هذا سيحدث على كل حال وليس هذا صحيحا، فمن ذا يعلم ماذا سيحدث؟ ما يزال يوجد احتمال توصل الى نتيجة أفضل.
“يبني أبو مازن وسلام فياض المؤسسات الفلسطينية وجهاز فرض القانون هناك، وهما ليسا كاملين ونحن غير راضين عن كل ما يفعلان وهذا مؤكد بالنسبة لسلوكهما في الأمم المتحدة، لكن توجد هناك قوات أمن تساعد على النظام العام وسلطة القانون بين الفلسطينيين، وهما يناضلان الإرهاب لاعتباراتهما الخاصة ويقومان بأشياء ايجابية من وجهة نظر إسرائيل، ولا أقترح ان نغمض عيوننا ونتجاهل ذلك”.
هل يقلقك احتمال ان يترك أبو مازن مكانه؟
“لا يجوز شغل النفس بالتنبوءات لأن الخطر سيكون آنذاك ان تصبح تقديرات وان نعمل بمقتضاها، فنحن في نهاية المطاف نحيا في تطبيع، ولا يوجد لون احمر من جهة نابلس ورام الله، ومن الواضح أنه لن يغفو ولن ينام حارس إسرائيل وان الجيش الإسرائيلي منتشر ومستعد لكن التحرك نحو تقوية السلطة هو الشيء الصحيح”.
ميزانية الجيش… إلى أين؟
ووفقاً للصحيفة فإن باراك على ما يبدو يتجه نحو اليسار فهو نفسه يوجهنا الى الأرشيفات كي نتأكد من ان الأمر ليس كذلك، ولكن باراك يحاول ان يميز نفسه وان يظهر بمظهر البالغ ذي المسؤولية، وهو يقول ان حزب الاستقلال تحت رئاسته سينافس على كل حال في الانتخابات وهو يؤمن بأنه سيجتاز نسبة الحسم.
ويفسر باراك “لا يعلم أحد متى ستكون انتخابات ولا استطيع ان أقول هل ننجح في التغلب على أزمة الميزانية وهل ستكون الانتخابات في موعدها بعد أكثر من سنة أو سنجد أنفسنا هناك في الجزء الأول من بدء سنة 2013، ولا أبحث الآن في الشراكات والائتلافات، فحزب الاستقلال كاسمه هو حزب مستقل”.
وهو يقول ان الاقتطاع من ميزانية الدفاع غير مقبول، “يجب ان تكون أعمى حقا كي تنظر الى الشرق الأوسط وتخلص الى استنتاج ان هذا هو الوقت للاقتطاع من ميزانية الدفاع. الجيش الإسرائيلي لا يطلب زيادة على الميزانية.
“من الضروري بناء خطة لسنوات متعددة للجيش الإسرائيلي تتناول التخطيط لسلاح دقيق واعتراض الصواريخ المتعدد المستويات ودخول العالم الافتراضي، ويوجد صلة بين حادثة على الحدود في جبل حريف وبين الحاجة الى حصر العناية في تهديدات بعيدة المدى”.
“ليست تلك لعبة ان جهاز الأمن جسم كبير جدا ويوجد ما يُزاد في نجاعته دائما، وزيادة النجاعة هي في اتجاه زيادة القوة، وبرغم التغييرات حولنا ما تزال ميزانية الجيش تنخفض بالتدريج من حيث نسبة الإنفاق عليها من الإنتاج الوطني، ويؤدي ترتيب أفضليات الحكومة الى النقل من الدفاع الى أشياء أخرى”.
“ولهذا فان كل هذه الألعاب البهلوانية مع الأرقام التي ترمي الى تضليل الجمهور وكأن ميزانية الدفاع آخذة في الازدياد – مقولة غير صحيحة، فميزانية الجيش تزداد بصورة أبطأ من ميزانية التربية والصحة وميزانية الخدمات الاجتماعية بل هي أبطأ من ميزانية البنى التحتية”.
ويُشبه باراك اقتصاد “إسرائيل” بحصان عليه أثقال كثيرة وتُزاد عليه أثقال أخرى، قائلاً “يجب على الحكومة ألا تزيد أثقالا أخرى، ان ميزانية الجيش تنفق 15 مليار شيكل كل سنة على مشتريات في “إسرائيل”، وهذه وسيلة رئيسة للتغلب على الركود الاقتصادي وتدفئة 150 ألف عائلة بصورة مباشرة، يعتمد نصف مليون عامل على التصدير الذي مصدره ميزانية الدفاع”.
“ان الجهاز الأمني هو المصدر الحقيقي والأوسع لتحديث الصناعات المتقدمة، فهناك في دفيئات شعبة الاستخبارات وسلاح الجو وغيرهما ينشئان أولئك الذين يشغلون بعد ذلك أماكن في شركات الهاي تيك، وقيمة جهاز الأمن في الاقتصاد أيضا عظيمة، فالذي يفهم حقا ما هو الاقتصاد العام حينما يسيطر الركود ويوجد تباطؤ اقتصادي في الجهاز الاقتصادي ونمو ضئيل ندرك انه ينبغي في هذا الوضع حماية هذا النسيج الاقتصادي الذي جهاز الأمن جزء منه”.
لا يغلق وزير الحرب الباب في وجه موظفي المالية ويعلن قائلا “يجب ان تكون مواجهة الوضع بطريقة مسئولة لا بالاقتطاع من المصادر المتعددة السنين لجهاز الأمن، لا أقول انه لا يمكن فعل وقف مدفوعات في سنة ما، سيقولون أمامنا سنة حاسمة ويجب علينا ان نحول قدرا أقل من المال لكننا ملزمون بأن نحول المبلغ في السنة القادمة، آنذاك سنرتب أمورنا مع بعض المزودين ونؤجل الدفعات من سنة الى سنة تالية، لكن لا يمكن التفكير في ان نقلل بصورة حادة الاستثمارات في الدفاع في حين تحدث حولنا أحداث عظيمة الوقع”.
يقترح وزير الحرب جملة حلول لبيان مصدر جلب الأموال، فهو يبين انه يوجد ما يمكن فعله في المجال الاقتصادي العام، ويزعم باراك انه يوجد في السوق 38 مليار شيكل حرة بسبب إعفاءات تمنحها الدولة لشركات الهاي تيك وغيرها.
مواجهة إيران.. مسئولية من؟
في مساء رأس السنة أجرى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مقابلة صحفية مع ملحق العيد لصحيفة “إسرائيل اليوم” وسأل “وماذا يكون إذا لم تعمل الولايات المتحدة؟” ويُبين وزير الحرب انه يقف الى جانب نتنياهو في هذا الشأن، فهو يؤكد انه لا يمكن الاعتماد على العالم أو على الولايات المتحدة اعتمادا كاملا ان يعملا على مواجهة إيران حتى حينما يتبين للجميع انه يجب عليهم العمل.
“آمل ان يعارض العالم وألا يُمكّن الإيرانيين على أي حال من الأحوال من التوصل الى قدرة ذرية، أيُقال أننا نستطيع الاعتماد على هذا اعتمادا كاملا؟ أقول لا.
“نقول دائما أننا لا نستطيع في نهاية المطاف ان نلقي المسؤولية عن القرارات في أمور تتعلق بأسس مستقبل دولة إسرائيل وأمنها مثل موضوعات من نوع احتمال ان تملك إيران قدرة ذرية حتى على أفضل وأقرب صديقاتنا، والولايات المتحدة هي أقرب وأفضل صديقاتنا”.
“هذا شأن من مسؤولية قيادة إسرائيل العليا، وأنا أعلم ان الأمريكيين يعرفون موقفنا هذا ويحترمونه، يقول لي ناس ذوو شأن في الدولة: أأنت قليل الإيمان الى هذا الحد؟ لماذا لا تعتمد على أ، وعلى ب. وعلى جهة ثالثة، إذا وجد شيء ما يقتضي العمل بشأن إيران فمن الواضح أنهم سيعملون! وأقول: لا يوجد أي شيء واضح”، يؤمن الأمريكيون بالعقوبات، هل توجد عقوبات أخرى تستطيع ان توقف الإيرانيين دون القنبلة الذرية؟
“من الواضح أننا نريد ان نرى تشديدا للعقوبات التي لم يسبق لها مثيل، فللعقوبات تأثير ما، وأنا لا أرى أنها توشك ان تثني القيادة الإيرانية عن عزمها وهناك إمكانية لتشديدها، ان سوط الرقابة مهم جدا. ويجب ان نجند لهذه المهمة أيضا الروس والصينيين الذين لن يبقوا في المكان الذي يوجدون فيه الآن. هل سيساعد كل ذلك على ثني إيران عن عزمها؟ لا أُقدر شخصيا ان هذه الأشياء ستكفي”.
ألن يكون مناص آخر الأمر من عملية عسكرية لوقف البرنامج النووي الإيراني؟
“أنا حذر من تصريحات من هذا القبيل، يسعدنا جدا ان نستيقظ ذات يوم فنرى ان الإيرانيين قد حسموا أمرهم فأوقفوا البرنامج، لكن من الواضح ان هذا ليس تقديرا واقعيا.
“لن آسف إذا استقر رأي الأمريكيين على انه يجب عليهم العمل بحسب تقديرهم الخاص وبحسب مسؤوليتهم، نحن لن نحول دون ذلك، حينما نقول ان جميع الخيارات على الطاولة ونتوقع ان يستعد الآخرون لذلك أيضا فإننا نقصد ذلك، وأنا اعتقد ان هذا يقول كل شيء، وأنا اعتقد ان للأمريكيين أيضا قدرات مدهشة في هذا المجال، لكننا نعتمد في هذا الشأن على أنفسنا قبل كل شيء”.
كما أثنى وزير الجيش على قرار مجلس الشيوخ على تعزيز وزيادة العمليات لمواجهة إيران وقال إنها خطوة “مهمة جدا” وهي أيضا “تقرر موقفا لهذا الرئيس أو ذاك بعد انتخابه، ان مسؤولية الإدارة الأمريكية كما قالت بصراحة هي ان تمنع إيران من الحصول على الذرة وان تستعمل كل الوسائل المتاحة لإحراز ذلك حتى لو احتيج الى استعمال القوة”.
“فروق تم الكشف عنها الى الخارج”
وبعد أن التقى باراك مسئولين أمريكيين كبار والذي أوضح لهم خلالها أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لا ينوي البته من أن يتدخل في الانتخابات المقررة في نوفمبر المقبل وأن موقف نتنياهو حيال الملف النووي الإيراني هو موقف “إسرائيل” في الحقيقة، ذكر باراك ان اختلافات الرأي مع الإدارة الأمريكية كما تصورها وسائل الإعلام مبالغ فيها، مشيراً إلى أنه يوجد فروق ما بيننا وبين الولايات المتحدة كشف عنها الى الخارج شيئا ما، ولا بأس في ذلك، ونحن نعمل على التوصل الى تفاهمات مع الأمريكيين”.
فيما يتعلق بالاختلافات في الرأي التي قد تكون موجودة بينه وبين نتنياهو قال “أنا ورئيس الحكومة متفقان على قضية إيران وكما يقول الأمريكيون لا إمكان لإدخال ضوء النهار بيننا”.
الى أي حد كانت واشنطن غاضبة على “تل أبيب”؟
“لا اعتقد ان تصوير الاختلافات في الرأي في وسائل الإعلام مهما تكن موجودة بيننا وبين الأمريكيين وفي داخلنا أيضا يلائم ما يحدث في الحقيقة، فالمحادثات في الغرف المغلقة مع الأمريكيين موضوعية وذات غايات.
“لنا اتصالات دائمة مع أعلى المستويات العليا في الولايات المتحدة، وقُبيل يوم الغفران خصوصا ينبغي ان نرفع رؤوسنا وان ننظر سنة الى الوراء وسنة الى الأمام، ويجب ان نرى ان بيننا اتفاقا مطلقا على صورة الاستخبارات وكذلك في شأن صورة النوايا، ونحن شركاء في لغة الخطابة نفسها ونحن والأمريكيون أيضا نقول ان إيران النووية غير مقبولة”.
“نحن مصممون على منع إيران من ان تصبح نووية، وجميع الخيارات على الطاولة ما عدا خيار واحد وهو الاحتواء، ونحن متفقون على الهدف، وما الذي لا نتفق عليه؟ الطرق الى إحراز هذا الهدف، فهناك فروق ما، وأنا أرى أنها أصغر مما يتم تصويرها في الخارج لكنها ليست بلا قيمة، ونحن نجري محادثات فيها.
“نحن نتواصل مع الأمريكيين إذا في موضوع الساعات فعندنا ساعة تختلف عن ساعة الولايات المتحدة لأننا متفقون على ان الإيرانيين مصممون من جهة على التوصل الى القدرة النووية، ولم يصدر هناك من جهة ثانية الى الآن أمر ببناء القنبلة النووية، لكننا نُقدر ان سبب عدم إصدار هذا الأمر هو ان الإيرانيين يدركون انه إذا تم إصدار هذا الأمر فإننا نحن والأمريكيين وآخرين سنعلم بالأمر نفسه أو بانعكاساته على النشاطات في داخل البرنامج الذري، ويخشون ان تقع عملية آنئذ، وهذه العملية ستعيدهم الى الوراء.
“لهذا يسعون قبل كل شيء الى وضع يكونون فيه محميين بصورة مقنعة في رأيهم من احتمال ان تصيبهم عملية جراحية لإسرائيل أو ربما للولايات المتحدة”.
“ان تكتكة الساعتين مختلفة لأن عندنا إمكانات عمل محدودة أكثر، فإسرائيل لا تملك بعض الوسائل التي تملكها الولايات المتحدة ولهذا فإننا نرى انه حينما يعمق الإيرانيون حفر أماكن محصنة ويجمعون آلات طرد مركزية أخرى فإنهم يجعلون الأمر صعبا علينا في مرحلة أسبق من مرحلة الولايات المتحدة، ومن هنا تنبع الحكاية”.
“نحن نعلم من تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان الإيرانيين يتابعون تخصيب اليورانيوم الى درجة 20 في المائة، وصحيح أنهم يخزنون بعض المادة المخصبة في قضبان وقود لمفاعل البحث الذري لكنهم يتابعون التقدم، كل ذلك واضح في التقارير التي نشرها المجلس الدولي للطاقة النووية”.
وماذا يكون في حال لم تقم أمريكا بالعمل معكم في نهاية المطاف؟
“أكرر قولي ان إجراء هذه المباحثات في الغرف المغلقة أفضل، وهي تجرى هناك وأنا أُجريها مرسلا من رئيس الوزراء ولست أنا وحدي”، مشيراً إلى أن هناك انطباع الى ما قبل بضعة أسابيع أننا مقدمون على حرب، وهناك انطباع ان الأمور قد هدأت شيئا ما، هل حدثت أشياء يجب ان نعلمها؟ ويظهر أنك قد زدت اعتدالا في الكلام الذي قلته علنا.
“لم يتغير شيء في كلامي. لم يتغير شيء ولا نصف شيء. قلت أنا ورئيس وزرائي نفس الكلام وبقينا في موقفنا: فليس الامر أمر اسابيع ولا أمر سنين. ومن المهم ان يعلم الايرانيون ذلك”.
أهناك تغير في العلاقات بينك وبين نتنياهو الى اسوأ؟ فقد تحدثتما في المدة الاخيرة بصورة مختلفة في شأن ايران والولايات المتحدة والميزانية وشؤون اخرى.
“أنا ورئيس الحكومة متفقان على الشأن الايراني. ونحن لا نصرف الامور وحدنا ايضا. فهناك ليبرمان ورفاق آخرون. ويُشرك رئيس الوزراء وزراء آخرين حينما يحتاج الامر وأنا أفكر تفكيرا يختلف عن أكثر اعضاء الحكومة في شؤون اخرى، وقد يختلف عن تفكير رئيس الحكومة فيما يتعلق مثلا بالحاح وأهمية ومبلغ المضي بعيدا في شأن المسيرة مع الفلسطينيين وفي الشؤون الاقتصادية كذلك.
“لكن لا يجوز ان نصاب بالبلبلة: فنتنياهو هو رئيس الوزراء وأنا أعرف المسؤولية الملقاة عليه باعتباره رئيس الوزراء. فقد كنت أنا نفسي رئيس الوزراء في الماضي وكان وزراء كثيرون فكروا تفكيرا مختلفا وعبروا عن ذلك ايضا أكثر من مرة”.
هل تلاحظ في سلوك نتنياهو تدخلا في المعركة السياسية في الولايات المتحدة؟
“أوضحت في لقاءاتي في واشنطن هذا الاسبوع رسالة واضحة هي ان رئيس الوزراء يعني ما يقول في الشأن الايراني. وهذا هو موقف دولة اسرائيل وليس موقفه الخاص. ولا يوجد قصد من وراء ذلك الكلام الى احداث أي تدخل في مسار الانتخابات في الولايات المتحدة. فدعم جزئي مجلس النواب والشعب الامريكي كله في الأساس كنز لاسرائيل لأن الولايات المتحدة هي أهم حليفاتنا وبيننا تعاون استخباري لا مثيل له، وتعزيز أمني لا مثيل له، وينبغي الاستمرار في الحفاظ على ذلك على هذا