عين الاخبارية-رام الله- أكد رئيس الوزراء سلام فياض أن مخزون الحكمة والخبرة المتوارثة من الآباء والأجداد للأبناء والأحفاد يشكل عنصر قوة لشعبنا، مشددا على حاجة مجتمعنا للمزج بين موروث الأصالة وقيم التضامن التي حملها الآباء والأجداد، من ناحية، مع اندفاع طاقة الشباب وتطلعاتهم المشروعة، من ناحية ثانية.
وقال رئيس الوزراء في كلمته بحفل تكريم المسنين نظمته الهيئة الوطنية للمتقاعدين العسكريين والحملة الشعبية لوضع الابتسامة على وجه المسنين، في مقر النادي الأرثذوكسي في رام الله، اليوم الإثنين، 'الوفاء للمسنين لا يتمثل فقط في الاهتمام باحتياجاتهم، بل أيضا بالحاجة إلى العمل بكل السبل لتقدير مكانتهم وإنجازاتهم والاستفادة من خبرتهم وتمكينهم من الاستمرار في الانخراط الفعّال في مختلف الأنشطة المجتمعية.
وأشار إلى أن السلطة الوطنية تعمل، وبكل جدية، للنهوض بواقع المسنين، وتوفير خدمات الرعاية والتأهيل وغيرها من الخدمات الاجتماعية والصحية والترفيهية التي يحتاجونها، وشدد على أن الأهم الذي يحتاجه المسنون هو العمل على حماية مكانتهم في المجتمع، وتشجيعهم على الاستمرار في العطاء، واستثمار طاقاتهم وخبرتهم في خدمة وتنمية المجتمع.
وأكد أن الاهتمام والاستجابة لحاجات المسنين هما جزء أساسي من السياسة العامة للرعاية الاجتماعية، وهو التزام يقع على عاتق السلطة الوطنية وعموم أبناء شعبنا ومؤسساته، وبما يحمي النسيج الاجتماعي ويصون تماسكه.
وأشار إلى الإستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية الهادفة إلى توفير مقومات العيش الكريم لهم، والتي تنفذها الحكومة، ممثلة بوزارة الشؤون الاجتماعية، من خلال البرنامج الوطني للحماية الاجتماعية، حيث تقدم الوزارة عددا من خدمات الرعاية والتأهيل للمسنين، سواء من خلال المساعدات النقدية المنتظمة أو المساعدات العينية الموسمية، بالإضافة إلى خدمات التأمين الصحي والتأهيل الطبي، ومواءمة المساكن بما في ذلك إنشاء البيوت الخاصة لرعايتهم.
وأشاد رئيس الوزراء بجهود المؤسسات الأهلية في رعاية وتكريم المسنين، وقال: 'أشكر الهيئة الوطنية للمتقاعدين العسكريين والحملة الشبابية على مبادرتهم لتنظيم هذا الحفل الذي يمثل أقل الوفاء الذي نقدمه لأمهاتنا وآبائنا، وبما يبعث على الطمأنينة بأنه رغم كل الصعوبات والتحديات التي تواجه شعبنا، فإنه لن يغفل عن تكريم المسنين من الأمهات والآباء الأجلاء'.
وأضاف: 'برنامج عملنا الذي نسعى لتحقيقه في تجاه إنجاز مشروعنا الوطني، والمتمثل أساسا في إنهاء الاحتلال وتمكين شعبنا من تقرير مصيره، هو برنامج كل مواطن يسعى للحرية والعيش بكرامة في كنف دولة فلسطين المستقلة، وعاصمتها القدس، على حدود عام 1967، دولة يفخر كل فلسطيني بالانتماء والولاء لها، دولة ترعى مصالح الشعب بأسره، وتسهر على تقديم الخدمات لجميع أبنائه. ولذا 'ونحن نتابع هذه المهمة الوطنية العليا لإنجاز مشروعنا الوطني، لا يمكن أن ننسى المكونات التفصيلية لهذا الجهد الوطني، والذي هو في الواقع مشروع تفاصيل، والتي دون الاهتمام بها، لن نتمكن من إنجاز الهدف الأكبر'.
وتابع: 'لا يمكن لنا أن ننسى شريحة هامة من أبناء شعبنا، ألا وهم المسنون من الأمهات والآباء الأجلاء الذين ندين لهم بالكثير على ما قدموه من عطاء في مسيرة بناء الوطن والخلاص من الاحتلال، ومسيرة صمودهم العنيد في مواجهته. فالمسنون الأجلاء في بلادنا، والذين يصل عددهم إلى حوالي مئة وتسعين ألف مواطن أي حوالي من 4.4% من عدد السكان، يعيش نصفهم في ظروف بالغة الصعوبة، ويعاني الكثير منهم من الأمراض المزمنة. وهذا يستوجب منا جميعا وضع قضيتهم دوما على رأس أولويات واهتمام المجتمع بأسره'.
واعتبر فياض الاحتفال باليوم العالمي للمسنين مناسبة هامة لاستلهام الحكمة من خبرتهم وعطائهم المتواصل، وقال: 'نحن دوما بأمـــس الحاجة للتعلم من هذه الخبرة والحكمة في إطار تواصل الأجيال'.
وأكد أن رفع مستوى خدمات الرعاية الإيوائية للمسنين وتطويرها يمثلان رافعة أساسية للجهد المبذول لرعاية وحماية المسنين التي تقدمها بيوت المسنين التي يبلغ عددها 18 مركزا، واحد منها حكوميّ، والباقي تُشرف عليها وزارة الشؤون الاجتماعية لضمان جودة الخدمات التي تقدمها.
وشدد على أنه رغم ما تحقق على هذا الصعيد، يبقى أمامنا الكثير الذي يجب علينا أن نحث الخطى لتحقيقه، وبما يضمن تحسين الخدمات المقدمة للمسنين كما ونوعا، بما في ذلك توفير بيئة قانونية وتشريعية تكفل تلبية حقوق المسنين، إضافة إلى توسيع رزمة المساعدات الاجتماعية والصحية والترفيهية المقدمة لهم. وقال: 'يُعتبر تطوير وتعزيز التأمينات الاجتماعية وصولا إلى إنشاء نظام ضمان اجتماعي متكامل أولوية رئيسية لعمل السلطة الوطنية'.
وأشار إلى جهد الحكومة على صعيد تأهيل المزيد من الكوادر المهنية المتخصصة في مجال رعاية المسنين، وبما يمكنها من تطوير الخدمات الاجتماعية النوعية وصولا إلى تشكيل فرق الرعاية المتكاملة لتشمل خدماتها مجالات مختلفة.
كما أشار إلى أهمية تحقيق المزيد من الشراكات الفاعلة بين المؤسسات الرسمية والأهلية والقطاع الخاص وكافة مكونات المجتمع الأخرى لتحقيق التضامن والتكافل، وتنظيم وتنسيق وتوحيد الجهود والبرامج ومأسستها، بما يساهم في تحقيق المزيد من متطلبات النهوض باحتياجات المسنين، وضمان حقوقهم الإنسانية والاجتماعية.
وأكد رئيس الوزراء أن دمج المسنين في أسرهم، وفي الحياة الاجتماعية، بكل ما يتطلبه ذلك من تكثيف حملات التوعية المجتمعية والتثقيفية، وتأهيل وتمكين عائلات المسنين، يعد خطوة أساسية في هذا المجال. وهو يتطلب بالتأكيد تقديم المساعدات المادية، وخدمات ترميم بيوت المسنين ومواءمتها لاحتياجاتهم، وتوفير الأجهزة الطبية اللازمة، وتشجيع العمل التطوعي في مجال رعاية المسنين.
وأشاد فياض بالدور الهام الذي تقوم به وسائل الإعلام والصحفيون الذين ساهموا من خلال تحقيقاتهم الصحفية الاستقصائية في وصول طواقم الشؤون الاجتماعية للعديد من الحالات الإنسانية الصعبة، حيث ساهمت مؤخرا في إبراز معاناة المسنة فاطمة علوية والمسنة آمنة الساكت، ما مكن هذه الطواقم من الإسراع في تقديم الخدمات الضرورية للتخفيف من معاناتهم الإنسانية.
وشدد رئيس الوزراء على أن الاهتمام بواقع المسنين والنهوض بنوعية الخدمات المقدمة لهم يمثلان مسؤولية يتشاركها الجميع، وهي تعبر عن حالة الوفاء والتماسك والتضامن بين أجيال المجتمع، وقال 'بالقدر الذي يُشكل فيه الشباب أمل المستقبل وأداة أساسية لتغيير الواقع، فإن الوفاء باحتياجات المسنين يرسخ الثقة والطمأنينة بأن فلسطين التي ننشد هي بيت الشعب وراعية مصالحه وطموحاته، بكل ما يمليه ذلك علينا جميعا من ضرورة استنهاض طاقات جميع أبناء وبنات شعبنا، وتوفير مقومات العيش الكريم لهم'.