العام الماضي نسيناه مع زحمة الاحداث ولكننا هذا العام نسبق الحدث ونكتب عنه باكرا قبل موعد ذكراه بايام حتى نحرك مشاعر من عاش وعمل معهم ليتذكروه جميعا ونقرا سويا الفاتحه على روحه الطاهره فقد كتبت هذا المقال العام الماضي مع بعض التغيير عسا ان نظل نتذكر مناضلينا الاشاوس امثال الشهيد عاطف فايق بسيسو ابن حركة فتح واطلعت على كتاب اللواء محمود الناطور ابوالطيب حركت فتح بين المقاومه والاغتيالات وقمت باخذ باخذ ماكتبه في كتابة الرائع علنا نستطيع ان نعطي هذا الرائع حقه .
عاطف بسيسو هذا الشاب الجميل الذي لا يبدو عليه ملامح رجل الامن الصلب قتله الموساد في فرسا انتقاما منه على تاريخ طويل من الصراع والمطارده ارتاح بعد تعب طويلا من العمل الامني الشاق واختلف على سبب اغتياله فالبعض قال بانه بسبب كشفه للعميل عدنان ياسين واخرين قالوا لانهاء قائمة المجموعه المشرفه على مجموعة ايلول الاسود واخرين قالوا انه شارك باعدم العميل الذي اغتال الشهيدين ابواياد وابوالهول والعمري وانا اقول انه اغتيل لينهي صفحه من الكفاح المسلح للبدء بصفحه جديده من السلام العالمي بعد البروستوركيا الروسيه والسلام العالمي بانتهاء الشيوعيه ودحر حركات التحرر بالعالم .
يوم اغتياله كنت امر بشارع عمر المختار واذا بالناس تجري ورايت مجموعات من الشبان الملثمين يقومون باحراق اطارات السيارات ويامرون المحلات باغلاق الشوارع ويفرضون حاله من منع التجول بهذه المنطقه الحساسه من مدينة غزه كانت قبل ظهر يوم 8 حزيران من عام 1992 لم اكن اعرف السبب كنت يومها في نادي غزه الرياضي نحضر لمخيمات الاشبال هناك وبدات بالسؤال عن السبب الى ان اتى احد الاخوه وابلغني ان هناك شهيد من ال بسيسو تم اغتياله بالخارج وشباب قلعة الكنز كما كان يصطلع عليهم وكل مربعات الرمال هم من قاموا بتصعيد الامور .
عرفت فيما بعد ان الذي اغتيل في باريس هوالشهيد عاطف فايق بسيسو مسؤول الامن الموحد بالثوره الفلسطينيه والذي خلف الشهيد ابواياد خلف في قيادة هذا الجهاز اثناء زياره له في فرنسا على باب احد الفنادق اطلق عليه مجهولون النار ولاذوا بالفرار وعرفت من الاخوه ومن الحديث الذي بدات وسائل الاعلام ببثه ان الرجل هو احد قيادات هذا الجهاز الامني الفلسطيني وانه من الشخصيات الغير معروفه والمشهوره والتي توارت عن الانظار بسبب عمله الامني وان اسمه الحركي هو ابوفايق وانه شقيق المهندس عاهد فايق بسيسو صاحب احد المكاتب الهندسيه المعروفه بمدينة غزه وابن عائلة بسيسو التي تقطن بجوار مسجد الكنز وان العزاء سيكون هناك فعاطف التحق في صفوف الحركه مبكرا اثناء دراسته في المانيا وانضم الى اتحاد الطلبه الفلسطينيين واصبح فيما بعد المساعد المقرب للشهيد القائد ابواياد خلف تنقل في كل دول العالم بجوزات مزوره وكانت مطلوبا ومطاردا لجهاز الموساد الصهيوني لكونه من الدائره الاولى للشهيد ابواياد كونه احد المشرفين على تنفيذ عملية ميونخ الشهيره والتي استهدفت قتل عدد من الفريق الاولمبي الصهيوني بالمانيا عام 1973 خلال انعقاد الدوره الاولمبيه هناك .
لم تكن شخصية “عاطف بسيسو” معروفة على صعيد الثورة الفلسطينية بشكل علني إلا للكادر الأول والثاني فقط، واختار لنفسه طرقا منذ البداية بعيدا عن الأضواء ووسائل الإعلام، فلم يتحدث مطلقا لأي صحيفة أو وسيلة إعلام طوال حياته، ولم تظهر صوره الشخصية من خلال وسائل الإعلام مطلقا إلا بعد استشهاده.
كان عاطف بسيسو يشارك رسميا في مدريد باجتماعات الوفود الأمنية لكافة الدول المشاركة في مؤتمر مدريد، كما عقد اجتماعات تنسيق مع أجهزة الآمن الإسبانية التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع جهاز الآمن الموحد. واستغرقت مهمة “عاطف بسيسو” في مدريد عشرة أيام، ولعب دوراً بارزاً في هذا المؤتمر انطلاقا من إيمانه بأهمية هذا المؤتمر لتحقيق آمال وطموحات الشعب الفلسطيني. وعلى هامش المؤتمر، شارك بالاجتماعات الأمنية لوفود الدول المشاركة، واجتمع رسمياً مع وفد أمني من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وكان ذلك الاجتماع الرسمي تتويجاً لاتصالات سابقة، وفي المقابل كان الموساد قد بدأ بالعد التنازلي لاغتيال عاطف بسيسو .
خلال شهري 4 و 5/1992م، كانت أجهزة الأمن الفلسطينية قد حصلت على معلومات من مصادر أمنية مختلفة ومنها دول أوروبا الغربية، بموجب التنسيق الأمني وتبادل المعلومات، بأن الموساد الإسرائيلي أعد قائمة سوداء لعدد من مسؤولي (م.ت.ف) للاغتيال، وشعر “أبو عمار” أن إسرائيل تدبر عملية خطيرة في شهر 4-1992م وتذكر شهداء اللجنة المركزية، فقد نفذت الموساد اغتيال القادة في عملية الفردان وأبو جهاد في نفس الشهر، وحاول أن لا يستقر في مكان فقام بزيارات لدول عديدة بهدف تفويت الفرصة على المخابرات الإسرائيلية، وطلب من مساعديه أخذ الحيطة والحذر، خاصة في أوروبا.
وخلال تلك الفترة حدد عاطف بسيسو خط رحلة عمل لعدة دول في العالم: “تونس – مدريد – هافانا – برلين – باريس – مارسيليا – تونس”، واتصل مع عدنان ياسين، الذي اكتشف لاحقاً عمالته للمخابرات الإسرائيلية، وكان عادة ما يتولى ضمن نطاق عمله في سفارة فلسطين متابعة الشئون والقضايا القنصلية لسفارة فلسطين، وطلب من عدنان ياسين القيام بالإجراءات الجمركية لإدخال سيارة إلى تونس قادمة بالباخرة من ميناء مرسيليا، وكان أخ زوجته ديما السبع المقيم في أمريكا اتصل بعاطف بسيسو وأبلغه بأنه سيرسل له سيارة لاندروفر بالباخرة إلى ميناء مرسيليا، حيث سيقوم “عاطف بسيسو” بشحن السيارة إلى ميناء تونس.
ومن الجدير بالذكر فإنه وفي فترة سابقة كان عدنان ياسين قد التقى بـ “عاطف بسيسو” في باريس في فندق الميريديان أثناء إحدى زياراته لفرنسا، وبعد ذلك كان عدنان ياسين يحاول إسداء أي خدمة لعاطف بسيسو. ولكن هذه المرة كانت “خدمة قاتلة” وبهذا تحدد خط سير “عاطف بسيسو” على الأقل في بعض المحطات من خلال خط سير سيارة اللاندروفر من الولايات المتحدة الأمريكية حتى وصولها لتونس، وهذا الأمر أبقى، ربما، “عاطف بسيسو” على اتصال مع عدنان ياسين خاصة في المرحلة الثانية والحاسمة من رحلته، وبعد أن وصلت سيارة اللاندروفر إلى ألمانيا بدلاً من ميناء مرسيليا نظراً لأن أخ زوجته لم يجد باخرة آنذاك تصل إلى مرسيليا، فقام بشحن السيارة إلى ألمانيا، في منتصف أيار 1992 غادر “عاطف بسيسو” تونس إلى مدريد، حيث قام بمهمة سريعة، وواصل رحلته إلى كوبا في زيارة رسمية، بهدف إجراء مباحثات مع أجهزة المخابرات الكوبية، خلال إقامته في كوبا اتصل “عاطف بسيسو” بزوجته مرات قليلة، نظراً لصعوبة الاتصال من كوبا.
وفي تلك الفترة توفرت لدى جهاز الأمن والمعلومات الفلسطيني معلومات دقيقة، قبل حوالي خمسة وعشرون يوما، من خلال مدير محطة الجهاز في يوغسلافيا، عن قيام عناصر تابعة لجهاز الموساد بالاتفاق مع عصابات المافيا اليوغسلافية لاغتيال شخصية فلسطينية في باريس أو تونس. ووفق المعلومات فقد جرى تعريف عناصر المافيا على الشخصية الفلسطينية المستهدفة من خلال صورة شخصية جرى التقاطها بوضوح لعاطف بسيسو، ولم يهتم بالطبع عناصر عصابة المافيا بالتعرف على ماهية الشخصية وإنما كان تركيزهم فقط على المبالغ التي سيحصلون عليها مقابل تنفيذ عملية الاغتيال. ومن الجدير بالذكر فإن جهاز الموساد لجأ إلى الاستعانة بعناصر المافيا اليوغسلافية لتجنب أية أزمة محتملة مع المخابرات الفرنسية في حالة قيامه بتنفيذ العملية بصورة مباشرة، أي اعتمادا على عناصر جهاز الموساد، وذلك التزاما باتفاق مسبق يقضي بعدم القيام بأية عمليات اغتيال على الأراضي الفرنسية.
وخلال الأشهر التي سبقت اغتياله، كانت المخابرات الإسرائيلية الموساد قد أحكمت الطوق حول “عاطف بسيسو” ووضعت خطط الاغتيال في باريس أو في تونس في حالة تعذر التنفيذ في باريس لعدم زيارته لها مثلاً. ولكن زيارة برلين كانت محطته الأخيرة قبل رحلة الموت إلى باريس.. ففي نهاية أيار 1992 وصل “عاطف بسيسو” إلى برلين ونظراً لكثرة زياراته إلى برلين والتي أصبحت في مرحلة الثمانينات محطة رئيسية وأمنية لجهاز الآمن الموحد، وكانت برلين المركز الرئيسي الذي ينطلق منه “عاطف بسيسو” لكل أوروبا الشرقية.
كانت سيارة “اللاندروفر” شيفروليه 4X4 وتحمل لوحة رقم (X585ـ B) قد وصلت إلى ألمانيا من الولايات المتحدة الأمريكية وتسلمها “عاطف بسيسو” وقرر أنه سيسافر بالسيارة برا من برلين إلى مرسيليا لشحن السيارة إلى ميناء تونس. وخلال وجوده في برلين كان ينطلق في رحلات بالسيارة، وكان شجاعا يفضل السفر بالبر. فلم يجعل من تلك المسألة والخطر الجسيم الذي يتهدد حياته وكل التحذيرات التي تلقاها، لم يجعل منها قضية يتغنى بها، وعند الحاجة العملية للحديث عنها كان يتردد لدرجة الخجل وبتواضع مشهود، رغم إدراكه الواعي بجدية الخطر والمعلومات، فسأل “محمد حجازي” بقوله: ما رأيك هل تعتقد بوجود خطر حقيقي؟ قال محمد حجازي: أرى أن تقطع زيارتك وتعود لتونس فورا.. الخطر قائم وجدي.
اجتمع عاطف بسيسو مع جهاز المخابرات الألماني، وقبل الاجتماع طلب من محمد حجازي إثارة المعلومات حول نوايا الموساد باغتياله. وفعلا تحدث حجازي في الاجتماع، فأكد مسئولي المخابرات الألمانية أنه لا معلومات لديهم حول هذا الموضوع، وكان خوفهم أن تحصل مثل هذه العملية على أراضيهم، وربما قامت المخابرات الألمانية بالاستفسار من المخابرات الإسرائيلية، وقد تكون ألمانيا حذرت إسرائيل من قيامها بعملية كهذه على الأراضي الألمانية، وهذا الإجراء طبيعي أن تقوم به ألمانيا في حالات كهذه، بعد يومين بدأت مخاوف عاطف بسيسو تقل بوضوح، وربما أبلغته المخابرات الألمانية رسالة تطمينية.
لم يستخف “عاطف بسيسو” بالتحذيرات التي وصلته، ولكن الخطأ القاتل الذي أنجح مهمة “الموساد”، كانت تطمينات أجهزة الأمن الأوروبية وخاصة ألمانيا وفرنسا، فالموساد لا يحتاج لضوء أخضر لينفذ عملية اغتياله من أجهزة أمن أوروبا، كانت ألمانيا حازمة في عدم حصول عملية كهذه على أراضيها، لكن خارج الأراضي الألمانية تصبح المسألة من اختصاص وسياسة أمنية لدولة أوروبية أخرى، لذلك كان تركيز “عاطف بسيسو” على الموقف الرسمي لأجهزة الأمن الأوروبية تجاه عملية الاغتيال سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بقنوات عديدة، لأن المخابرات الأوروبية لا تعطي ضوءً أخضر للموساد بتنفيذ مثل هذه العمليات، بشكل رسمي ولكن يبقى هنالك عوامل أساسية أخرى منها: الحسابات الإسرائيلية الخاصة بها، وتواطؤ من داخل المؤسسات الأمنية الأوروبية بتعاون معلوماتي القيام بدور “تستر” لاحقا لاحتواء آثار العملية، وهذا ضمنته الموساد سلفا في باريس ولم تستطع مطلقا تنفيذ عملية الاغتيال والتخطيط لها قبل أشهر، لتنفيذها في باريس تحديدا لو لم تضمن العوامل المذكورة.
في نهاية زيارته لبرلين، كان عاطف بسيسو على اتصال مع المخابرات الفرنسية بانتظار تحديد موعد مع جنرال فرنسي من أجهزة المخابرات الفرنسية، وبقي في برلين مترددا بالسفر إلى باريس، أو الانطلاق بالسيارة مباشرة من الحدود “الألمانية- الفرنسية إلى مرسيليا”، وفي يوم الجمعة 5 حزيران 1992م، تحدد الموعد أخيرا مع الجنرال فيليب روندو مستشار وزير الدفاع الفرنسي بيار جوكس وكان الموعد يوم الاثنين 8 حزيران 1992م الساعة العاشرة صباحا في باريس، وكان هذا الموعد القاتل قد تأجل لثلاث مرات منذ آذار 1992م.
في صباح يوم الأحد 7 حزيران انطلق بسيارته من الحدود الألمانية – الفرنسية، باتجاه باريس، ووصل إلى فندق ميريديان في حي مونبارناس على الضفاف اليسرى لنهر السين عند الساعة السادسة مساء. بعد وصوله للفندق، أجرى اتصاله الهاتفي الأخير مع زوجته ديما في تونس، وقال لها: وجدتهم قد استأجروا لي غرفة في الفندق، مثل القبر ..صغيرة في نهاية الممر ولا يوجد منفذ. على كل حال سأسافر غدا.. كلها ليلة واحدة، اتصل هاتفيا بالصحفي اللبناني سهيل راشد الذي جاءه إلى الغرفة في الفندق ومكثا قليلا ثم نزلا بالمصعد، وبعد أن فتح المصعد في قاعة الصالون بالفندق، كان رجل يجلس وأخذ يحدق في عاطف بسيسو بشكل غير عادي، فلفت انتباه عاطف فقال سهيل: دعنا نتصل بالفرنسيين لإبلاغهم..، نزلا إلى جراج السيارات تحت الأرض في الفندق، لجلب بعض الحقائب .
لاحظ عاطف بسيسو أيضا وجود سيارة في الجراج بها ثلاثة أشخاص بوضع مريب، ثم لاحظ سيارة أجرة تاكسي تلف في المكان، كما لم يلاحظ أحد وجود عدنان ياسين في نفس الفندق. كانت حركة مريبة وأجواء غير عادية في الفندق، فرجعا إلى الغرفة ومعهما الحقائب، ثم اتصل عاطف بسيسو بفاطمة بيضون، وانتظرا في الغرفة حتى وصلت فاطمة بيضون، ثم انطلقوا جميعا لتناول طعام العشاء في مطعم مكسيكي ، أثناء وجودهم في المطعم، أصر سهيل راشد على الاتصال بالمخابرات الفرنسية لإبلاغهم بوجود خطر يتهدد حياة عاطف بسيسو وطلب حماية منهم، وفعلا اتصل هاتفيا، وجاء الرد غريبا جدا.. بأن اليوم عطلة نهاية الأسبوع ومن الصعب تأمين الحماية، لكن غدا صباحا عند الساعة السابعة سيكلف فريق من الأمن الفرنسي بحماية عاطف بسيسو، في الفندق..، وطلبوا من سهيل أن يأخذ عاطف بسيسو معه إلى منزله لينام معه، وأن لا ينام في الفندق حتى تصل الحماية، عاد سهيل راشد وأبلغ عاطف بسيسو برد الأجهزة الأمنية الفرنسية، وطلب منه أن يذهب معه إلى منزله، فرفض عاطف بسيسو ذلك، وربما اعتقد أن تلك المكالمة كافية للفت انتباه أجهزة الأمن الفرنسية لهذا الموضوع.
عادة كان عاطف بسيسو يصل إلى باريس جوا بالطائرة وتقوم أجهزة الأمن الفرنسية بوضع حراسة خاصة عند استقباله في المطار، هذه المرات كانت مختلفة، حيث كان في استقباله على الحدود الفرنسية – الألمانية فريق مراقبة من الموساد يتكون من خمس أشخاص تولى متابعة إلى الفندق.. وحتى عندما تم إبلاغ أجهزة الأمن الفرنسية بوجود خطر يتهدد حياة عاطف بسيسو رفضوا وضع حماية أو القيام بإجراءات جدية، وفي دولة كفرنسا، يتم القيام بمثل هذه الحماية خلال دقائق فقط، اتضحت ملامح التواطؤ من داخل أجهزة الأمن الفرنسية، وبدأ العد التنازلي لاغتيال عاطف بسيسو.
بعد منتصف الليل بقليل عاد عاطف بسيسو إلى الفندق، وكان جالسا بجانب سهيل راشد الذي كان يقود السيارة وفي المقعد الخلفي كانت تجلس فاطمة بيضون، توقفت السيارة أمام بوابة الفندق الرئيسية، ونزل عاطف بسيسو من السيارة، وانحنى محاولا ثني المقعد حتى تنزل فاطمة بيضون لتركب في المقعد الأمامي بجانب “سهيل راشد”..
في تلك الأثناء كان رجلين بملامح أوروبية، شعرهما قصير، يرتديان ملابس رياضية، جالسين على درج مؤدي إلى “نايت كلوب” كان عاطف بسيسو منحنيا فتقدم الرجلان، وأحدهما يحمل حقيبة على ظهره، و لم يشاهدا وجه عاطف بسيسو فتقدم أحدهما من الخلف، وأمسك بشعره و دفعه بقوة إلى مقدمة السيارة، ووقف الآخر يشهر مسدسا على فاطمة وسهيل، عندما حاولت فاطمة بيضون الصراخ.. وفورا أخرج القاتل مسدسا مزود بكاتم صوت، وكان المسدس مربوط بكيس بلاستيكي، وأطلق ثلاث رصاصات على رأس عاطف بسيسو ومن مسافة قريبة جدا، ووقعت الرصاصات الفارغة في الكيس!!
وبعد أن أنهى القاتلان مهمتهما هربا خلف الفندق إلى شبه جسر كممر يؤدي إلى الشارع حيث كانت في انتظارهما سيارة حملتهما بعيدا.. أسرعت فاطمة بيضون إلى داخل الفندق واتصلت بممثل (م.ت.ف) في باريس إبراهيم الصوص، كما اتصلت بمسؤول فلسطيني آخر وأبلغته بالحادث، وأرسل الخبر فورا إلى أبو عمار حيث كان في الأردن يتلقى العلاج بسبب حادث سقوط الطائرة، وكان رده فورا: المخابرات الإسرائيلية قتلت عاطف والموساد الإسرائيلي هو المسؤول الوحيد وأكمل قائلاً: لقد حذرتهم وطالبت بالحذر من الموساد الذي يقوم بتصفيتنا واحدا تلو الآخر.. وكان تعليق أبو عمار نتيجة للمعلومات والتحذيرات التي وصلت ل(م.ت.ف) وتداولتها أجهزة الأمن الفلسطينية، فكانت الجهة التي تقف خلف الحادث معروفة.. هي إسرائيل.
وبقيت أصابع الاتهام متجهة نحو (إسرائيل)، لعدة أسباب منها ضلوع عاطف بسيسو، بحكم عمله مع أبو إياد، في عملية ميونخ، وهي التي نفّذت سلسة العمليات الكثيرة بحجة ميونخ، وأضيف إلى ذلك سبب جديد، هو بمثابة رسالة إلى المخابرات الفرنسية (دي.أس.تيه) بأن الموساد غير راضٍ عن علاقتها مع المخابرات الفلسطينية.
وبعد مرور سبع سنوات، وفي شهر آذار 1999م قدّم القاضي الفرنسي تقريره عن الحادث اتهم فيه (الموساد) بالوقوف وراء قتل بسيسو، وأنه استعان بذلك بالجاسوس عدنان ياسين لتنفيذ عملية اغتيال بسيسو الذي كان على علاقة مع الاستخبارات الفرنسية. ومع نشر تقرير القاضي الفرنسي، ارتفعت أصوات في (إسرائيل) تحذّر من أزمة دبلوماسية بين إسرائيل وفرنسا على خلفية هذا الاتهام، وفي حين رفض أفيف بوشينسكي المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة الإسرائيلي التعليق على التقرير الفرنسي، فإن مصادر في ديوان رئيس الحكومة الإسرائيلية نقلت إلى صحيفة هآرتس (21/3/1999) مخاوفها الكبيرة من أن يؤدّي تطوّر القضية إلى أزمة في العلاقات الاستخبارية والدبلوماسية بين (إسرائيل) وفرنسا. وأشارت هذه المصادر إلى أن قضية بسيسو قد تتحوّل إلى شبه ما حدث في قضية اغتيال رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي، وفي حينها وجّهت أجهزة الأمن البريطانية اتهامات لـ (إسرائيل) بدعوى أن (الخلية التي انتمى لها القتلة كانت من عملاء الموساد)، وأعلنت بريطانيا عن أسماء عددٍ من رجال الموساد كأشخاص غير مرغوب فيهم في بريطانيا، وحسب هآرتس فإن حادث اغتيال العلي تسبّب في ضرر فادح للعلاقات الاستخبارية بين بريطانيا و(إسرائيل).
كشف كتاب إسرائيلي تحت عنوان (حساب مفتوح – سياسة الاغتيالات الإسرائيلية) للمؤلف “اهارون” الذي أكد فيه أنه بعد وقوع العملية اتهم الرئيس عرفات الموساد باغتيال بسيسو، ولكن إسرائيل نفت ذلك جملة وتفصيلا. وبعد وقوع عملية الاغتيال بعدة أسابيع، أكد الكاتب قيام رئيس المخابرات الفرنسية باستدعاء رئيس الموساد إلى باريس للاجتماع به. وأكد أن الاجتماع كان حامي الوطيس، حيث قال رئيس المخابرات الفرنسية لنظيره الإسرائيلي بأن السلطات الفرنسية متأكدة من أن الموساد نفذ عملية الاغتيال، وعندما حاول شفيط إنكار ذلك، قاطعه الفرنسي وقال له بلهجة حاسمة إننا متأكدون من ذلك، وقال له أيضا أن المستويين السياسي والأمني في فرنسا لن يسمحا للموساد الإسرائيلي بتحويل باريس إلى عاصمة الاغتيالات، وهدده بأنه في حالة قيام الموساد بعملية أخرى فإن فرنسا ستقطع علاقاتها مع الدولة العبرية. وتابع الكاتب قائلاً إن رئيس الموساد الإسرائيلي خرج من الجلسة الصعبة وهو مطأطئ الرأس، وابلغ رئيس حكومته بالموقف الفرنسي الصارم والحازم، الأمر الذي دفع الحكومة الإسرائيلية إلى التوقف عن اغتيالات الشخصيات الفلسطينية على الأراضي الفرنسية!!
وكانت الأوساط الفلسطينية والعربية المعنية غائبة..! عن ما يحدث ولم تستغل الاتهام الفرنسي العلني لـ إسرائيل بمقتل رجل الأمن الفلسطيني لتثير قضية الإرهاب الإسرائيلي المستمر والذي لا يتوقّف في ظلّ الحرب أو في ظلّ السلام، حتى لو كان سلاماً وفق المعايير (الإسرائيلية). ولا بد هنا من الإشادة بجهد القاضي بروغير الفرنسي، ومهنيته، فهذا الرجل أخذ المسألة، كما اتضح بشكلٍ جدي، وليس كما كانت تفعل الأجهزة المشابهة في الدول الغربية الأخرى عندما يتعلق الأمر بالإرهاب (الإسرائيلي) على أراضيها. علم بورغيير بأن ثلاثة أشخاص فقط علموا بنية عاطف بسيسو التوجه إلى فرنسا خلال جولته الأوروبية، وهؤلاء هم: زوجته ديما، وأحد المسؤولين في المنظمة وعدنان ياسين، وبعد التحقيق، اشتبه القاضي الفرنسي بعدنان ياسين أنه وفّر المعلومات عن تحرّكات بسيسو للموساد (الإسرائيلي).
المهم أن ما بدا في ربيع عام 1999 بداية لأزمة بين فرنسا و(إسرائيل)، بعد انتهاء التحقيق في القضية واتهام (إسرائيل) بالمسؤولية عن الاغتيال بمساعدة جاسوسها عدنان ياسين الذي أبلغ الموساد بتفاصيل وجود عاطف بسيسو في باريس، أخذ في التراجع، وربما كانت الأسباب كثيرة ومتنوعة ولكن لا يمكن هنا إبراء الجهات المسؤولة والمعنية العربية والفلسطينية، من مهمة المتابعة والاستمرار والضغط على الجانبين الفرنسي، الذي كان متحمّساً لإدانة إسرائيل، والإسرائيلي الذي كان يدخل مع الفلسطينيين، والعرب في حلقات مفرغة مسجلاً أهدافاً في ملعبهم وهم فرحون..!
كشف اغتيال الشهيد عاطف بسيسو عن حقائق مترابطة لاغتيالات سابقة، وكذلك عن اعترافات تدين هذا الجهاز الإرهابي وسوف أتطرق لعملية اغتيال الشهيد عاطف بسيسو حسب اعتقادي لـ4 ملاحظات:
1. اغتيال عاطف بسيسو كان لنفس سبب اغتيال علي حسن سلامه (أبو حسن) أي أن عاطف حينما استطاع اختراق الآمن الأوروبي وإقناعهم بأن معلومات إسرائيل عن م.ت.ف ومنطقة الشرق الأوسط كاذبة وغير صحيحة، اغتيل عاطف.
2. يعترف الموساد بأن قضية عاطف سوف تثير ضدهم المجتمع الأوروبي كما ثارت من قبل ضدهم قضية الشهيد ناجي العلي، الأولى كانت مع إنجلترا والثانية مع فرنسا.
3. عادة إسرائيل تنكر جميع عملياتها الأمنية التي تقوم بها ضد رجال م.ت.ف ولكنها بعد مرور السنين تعود وتعترف بجرائمها.
4. لا أحد ينكر كم كانت خسارة الشهيد عاطف وخاصة بالأجهزة الأمنية الفتحاوية، حيث كان الشهيد ركن من أركان المؤسسة الأمنية الفلسطينية، إلا أنه حتى باستشهاده أفاد القضية الفلسطينية كثيرا حين كشف جاسوس كان مزروع في صفوفنا.
ولد الشهيد عاطف بسيسو في 23 أغسطس عام 1948م، والده فائق بسيسو كان مدير بنك الأمة في الخليل وغزة والذي اعتقل ثلاث مرات خلال الانتداب البريطاني. التحق عاطف بسيسو بحركة فتح عام 1967 بواسطة صخر بسيسو، وعمل ضمن اللجنة الطلابية لحركة فتح في لبنان، حيث كان يدرس الحقوق في جامعة بيروت العربية، مع كل من نزار عمار وسمير أبو غزالة “الحاج طلال”. ثم عمل مع نزار عمار ضمن مجموعات جهاز الرصد في لبنان وفي منتصف 1968 انتقل نزار عمار من بيروت إلى الأردن ليتولى عاطف مسؤولية مجموعات جهاز الرصد في لبنان.
وبعد خروج الثورة الفلسطينية من الأردن وانتقالها إلى لبنان قام صلاح خلف بإعادة تشكيل قيادة جهاز الرصد وضمن التشكيل الجديد كان عاطف أحد أعضاء القيادة المركزية للجهاز عام 1972م، اعتقل في إيطاليا عام 1973م بتهمة محاولة تفجير طائرة شركة العال الإسرائيلية حيث كان يحمل جواز سفر مغربي باسم الطيب الفرجاني.
وفي 1974 مع تشكيل جهاز الأمن الموحد بقيادة صلاح خلف تولى مسئولية إدارة مكافحة التجسس التي نجحت بالكشف عن العديد من شبكات التجسس الإسرائيلية وكلف بالتنسيق مع أجهزة أمن الكتلة الشرقية، واستطاع أن يطور العمل من خلال تركيزه على رفع الكفاءة الأمنية لعناصر الجهاز من خلال الدورات الأمنية، وفي ضوء التغيرات التي شهدتها توجهات (م.ت.ف) بعد الخروج من بيروت عام 1982م .
نجح في إقامة قنوات اتصال مع الأجهزة الأمنية الأوروبية اعتبرتها إسرائيل تهديدا لمصالحها وخاصة من جهة انفرادها لسنوات طويلة منذ تأسيسها كمصدر معلومات هام عن الأوضاع في المنطقة. بذل جهودا كبيرة لبلورة وصياغة المنظومة الأمنية الفلسطينية التي كان من المقرر أن تكون من ضمن مؤسسات الدولة الفلسطينية الجاري التفاوض بشأنها في إطار مفاوضات مؤتمر مدريد للسلام الذي كان مكلفا فيه بالشق الأمني على هامش مؤتمر مدريد للسلام. في 8 حزيران 1992م قامت إسرائيل باغتياله أثناء تواجده في زيارة رسمية إلى فرنسا وفي 10 حزيران 1992 شيعت القيادة الفلسطينية وعدد من كبار المسؤولين التونسيين والمئات من الجماهير الشهيد “عاطف بسيسو” إلى مثواه الأخير في مقبرة “شهداء فلسطين” في منطقة حمام الشط بضواحي العاصمة التونسية.
وحين عادت السلطه الفلسطينيه الى الوطن احتفل جهاز المخابرات العامه في مركز رشاد الشوا في ذكرى استشهاده لمرتين متتاليتين لعل الاولى منها كانت عجيبه ولافته كثيرا وانا اصل الى مقر الاحتفال لحضور الحفل شاهدت ولاحظت ان كل شباب المخابرات يرتدون بذلات وقرافات جديده وانه طول الطريق المؤدي الى مكان الاحتفال اشاهد شباب يلبسون نفس الشيء وحين صعدت درج المركز شاهدت كل المستقبلين يرتدون البذلات بالوان مختلفه وقرافات متناسقه ويومها اطلقنا بالتنظيم على هذا اليوم يوم المخابرات الوطني حضره يومها الشهيد القائد ياسر عرفات والقى كلمه مؤثره بهذه المناسبه اضافه الى رفيق دربه المرحوم الشهيد امين الهندي .
بعد ان اصدر الرئيس مرسومه بتقاعد كل العسكرين الذين بلغت اعمارهم ال 45 عاما خرج اغلب من عرفوا وعايشوا الشهيد عاطف وبعد احالة القياده التاريخيه لجهاز المخابرات سواء من الامن الموحد او الامن المركزي وتعيين قائد من خارج هذه الدائره التاريخيه نسي جهاز المخابرات كليا هذا القائد الكبير فلاسف نحن دائما ننسى من اعطى واسس وناضل ودفع حياته رخيصه لهذا الوطن وهذا الجهاز الامني ننسى دائما الابطال في زحمة العمل والحياه ولا نتذكر الا الموجود امامنا فدائما ينقصنا الوفاء.
رحم الله الشهيد ابوفايق الذي اطلق اخوتنا في في اقليم غرب غزه وبالتحديد منطقة الرمال مربع الكنز شعبة الشهيد عاطف بسيسو وقلعتهم اسموها باسمه تخليدا له ولذكراه العطره فكل التحيه لكل الشهداء الذين قضوا دفاعا عن فلسطين وترابها الوطني وحلم الاجيال ببناء الدوله الفلسطينيه المستقله وعاصمتها القدس الشريف علنا ونحن نذكركم بهذه الذكرى الخالده ان تتحركوا لتخليد الرجل بشيء ملموس على الارض او ان تفعلوا أي شيء نراه ملموس ولعلكم تتذكرون زوجته وابنه فائق باتصال او رساله او أي شيء .