كل مفردات وبنود الأجندة الوطنية الفلسطينية، تواجه هذه الأيام أقصى حالات الصعوبة، وتجد نفسها في ذروة حالات الاشتباك مع الاحتلال الإسرائيلي، وحلفاء إسرائيل في العالم !!! وإسرائيل وحلفاؤها يواصلون الهجوم مستفيدين من ظروف عربية ملائمة، حيث سيولة الأحداث في العالم العربي، وبعض هذه الأحداث تتجه إلى حافة الخطورة !!! مستفيدين من الوضع الفلسطيني الداخلي – الذي يبدو فيه الانقسام الذي هو في الأصل فكرة إسرائيلية مئة في المئة – متجذرا أكثر بكثير مما تخيل صانعوه !!! ومستفيدين من وضع دولي تتغير أولوياته قياسا إلى المصالح وليس تجاوبا مع الحقوق العادلة، أي أن موازين القوى، وموازين المصالح، وتغيير معادلة الأدوار، هي السائدة الآن في العلاقات الدولية !!! بل إن التغير الإسلامي الذي يجب أن ترتكز إليه القدس في صراعها من أجل البقاء، مستغرق بالكامل في تأجيج الصراع السني الشيعي، ويكاد يكون الفاعل الوحيد، والمقاوم الوحيد، والصامد الوحيد، في هذه البانوراما الواسعة، هو الإنسان المقدسي وحده، إنه يتشبث ببيته الآيل للسقوط في القدس الشرقية، يتشبث به كما الأنبياء، برغم أن المخاوف كثيرة، فأنياب الجرافات الإسرائيلية مستنفرة، وقوانين الاحتلال الإسرائيلي الجائرة مستنفرة، وقطعان المستوطنين يداهمون الأحياء والساحات وهم يرقصون رقصات الجنون !!! والإغراءات كثيرة لصاحب البيت المقدسي أن يهرب بجلده، شيكات على بياض، وهو يرفض، يرفض بعناد، يواصل عبقرية البقاء، ولكن مفردات الحد الأدنى غير متوفرة، فالبيت لا أحد يرممه، والمدرسة للطفل غير موجودة، لأن الرسوم عالية، والمستشفى الذي كان رمزا وهو مستشفى المقاصد مهدد بالإغلاق لأنه يريد أجندة، وأطباء، وممرضين، وممرضات، وعاملين، وصيانة، ومرتبات شهرية، وهذا غير موجود، رغم عشرات الآلاف في أرجاء العالم العربي والإسلامي من المؤسسات والجمعيات والهيئات والمؤتمرات والقمم، بل أنتم كثير – كما أخبرنا رسولنا العظيم محمد صلى الله عليه وسلم – ولكنكم كغثاء السيل، فماذا يفعل المقدسي، ماذا يفعل الفلسطيني المقدسي الذي وهب نفسه وعياله للدفاع عن قبلته الأولى ومسجده الأقصى ؟؟؟
هذا هو السؤال المدوي !!! هذا هو سؤال الصباح والمساء !!! هذا هو السؤال الذي يتطلب إجابة سريعة شجاعة حاسمة قبل فوات الأوان.
يا قدس،
يا مدينة الإله،
قومي إلى الصلاة،
يا قدس يا حبيبة الإله،
قومي إلى الصلاة،
وتذكري يا قدس أنك ساحة الاختبار النهائية لأمة عربية تمتد من المحيط إلى الخليج، لأمة المليار ونصف مليار مسلم، لو كل واحد وضع حصاة صغيرة لأصبح الحصى جبلا شامخا منيعا !!! ولو كل واحد أعطى من قوته ثمرة أو رغيف خبز أو دينارا أو دولارا لأصبحت المساكن الآيلة للسقوط قلاعا، ولأصبحت المستشفيات الخاوية مضاءة بالعمل الجاد، ولأصبح الأطفال الذين بلا مدارس جنودا في كتائب العلم والمعرفة.
لك الله يا قدس، ها أنت تشتبكين بكل ما أوتيت من عزم، لكي تظل لهذه الأمة ملامح وعقيدة ودور، وإذا لم تدخل الأمة من بواباتك، ولم تتطهر بنيرانك، ولم تحمل همك، ولم تخلص لعهدك، فعلى هذه الأمة السلام.