-: عين الاخبارية :- أطل رئيس الحكومة اللبنانية السابق ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري على جمهوره وحلفائه أمس بعد غياب طويل لم تخرقه إلا المقابلة التلفزيونية الأخيرة قبل أسابيع، ليؤكد في الذكرى الثامنة لاغتيال والده، رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، إصراره على خوض الانتخابات النيابية المقبلة مع حلفائه في «14 آذار» بغض النظر عن شكل قانون الانتخاب. وأعاد الحريري تأكيد ثوابت تياره السياسي من جملة قضايا محلية وإقليمية، واصفا السلاح غير الشرعي بأنه «أم المشاكل في لبنان»، ومؤكدا أن النظام السوري «سيسقط حتما وسقوطه سيكون مدويا».
وفي حين اتهم حزب الله بوضعه «كل السياسات في خدمة السلاح»، مشددا على فصله بين الحزب والطائفة الشيعية، جزم الحريري بأن «الدولة وحدها هي الحل، والجيش اللبناني وحده، هو الجهة المؤتمنة على سلامة الأمن الوطني»، مؤكدا أن تيار المستقبل «تيار سياسي مدني، معتدل، ديمقراطي، ولا أحد ولا شيء سيتمكن من جرنا إلى موقع الطائفية أو العنف أو التطرف».
مواقف الحريري جاءت خلال كلمة مسهبة ألقاها عبر الشاشة من مقر إقامته بالرياض، خلال إحياء قوى «14 آذار» ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه في مجمع البيال مساء أمس، في ظل غياب لافت لكل من حليفيه المسيحيين: رئيس حزب القوات سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب أمين الجميل. وأطلق الحريري سلسلة مواقف بارزة. فأعرب عن اعتقاده بأن «نظام (الرئيس السوري) بشار الأسد سيسقط حتما، وسقوطه سيكون مدويا بإذن الله في سوريا، وكل العالم العربي وكل الدنيا»، مشددا على أن «هذا السقوط لن يكون وسيلة لتكرار تجارب الاستقواء بين اللبنانيين من جديد».
ودعا الحريري إلى تقديم «التنازلات لدولة لبنان، للشرعية الدستورية، للقانون، للعدالة، للمؤسسات العسكرية والأمنية للعيش المشترك ولرسالة لبنان»، موضحا أنه «ليس صدفة أن تصل موجة الهواجس والمخاوف، على مشارف الانتخابات وأن تصبح مادة في السباق على أصوات الناخبين».
وتعهد الحريري بأن يكون إلى جانب قاعدته الشعبية «في معركة الانتخابات المقبلة، مهما كان القانون، ومهما كانت التحديات واشتدت المخاطر»، مشددا على «أننا سنخوض الانتخابات كلنا سويا، مع حلفائنا في 14 آذار، مع اللبنانيين المؤمنين بالدولة المدنية من كل الطوائف والمذاهب، الخطوة الأولى، لعودة الثقة، لعودة الاستقرار، لعودة الاستثمار، لعودة فرص العمل، لعودة العيش الكريم، لعودة الحياة الوطنية، لعودة الأمل، هي الانتخابات».
من جهة أخرى، شن الحريري هجوما عنيفا على سلاح حزب الله، معتبرا أن «كل اللبنانيين يعرفون أن السلاح غير الشرعي، مصنع يومي لإنتاج النزاع الأهلي والفتن بين المذاهب، ولإنتاج الجزر الأمنية، والجريمة المنظمة وغير المنظمة، والإرهاب، وشبيحة الأحياء، ومخالفة القوانين، والخطف، والفساد، واللصوصية، والتهريب والاستقواء على الدولة». وقال: «كل اللبنانيين يعرفون أن حزب الله، يمتلك ترسانة من الأسلحة الثقيلة والصاروخية والخفيفة، يقال: إنها تفوق بأهميتها ترسانة الدولة اللبنانية. وكل اللبنانيين يعرفون أن ما يُسمّى سرايا المقاومة هي جهات حزبية ودينية وعشائرية وعائلية ومخابراتية، يزودها الحزب بالسلاح والمال، وتعمل في كل المناطق اللبنانية».
في المقابل، لم ينكر الحريري وجود ما أسماه بـ«فتات من السلاح» بأيدي «مجموعات ومواطنين وتنظيمات وفصائل لبنانية وفلسطينية خارجة على الشرعية والقانون، في بلدات وأحياء، لجأت عمليا إلى هذا الخيار، بذريعة الدفاع عن النفس، في ظل الحاضنة المسلحة الكبرى لحزب الله وسرايا حزب الله. وهذا هو الخطر الأكبر الذي يتهدد الحياة المشتركة بين اللبنانيين».
ورأى الحريري أن «حزب الله، يرفض رفضا قاطعا الاعتراف بهذا الواقع». وشدد الحريري على أن «حزب الله لا يستطيع أن يرى لبنان من دون المنظومة العسكرية والأمنية التي بنتها إيران، على مدى ثلاثين سنة. وهنا يكمن المأزق الكبير. مأزق الدولة التي تتعايش مع دويلة عسكرية، فوق غابة من السلاح غير الشرعي. سلاح كل الأطراف والأحزاب من كل الطوائف». وفي حين أكد الحريري «أننا لا نرى ولا نؤمن بأن حزب الله هو الطائفة الشيعية»، أشار إلى أن «عمر الشيعة في لبنان أكثر من ألف سنة، أما حزب الله، فحالة جاءت مع إيران، منذ ثلاثين سنة. ولكن، ما مِن أحد، يمكن أن ينفي حقيقة أن حزب الله، يتخذ من جمهور كبير في الطائفة الشيعية، قاعدة لمشروعه الداخلي والإقليمي». وشدد على أن «مصير الشيعة، هو مصيرنا، ومصيرنا من مصيركم، مصير لبنان، مصير كل اللبنانيين». وفيما يتعلق بالمحكمة الدولية، أكد الحريري أن «المحكمة تتقدم، والمجرمون سينالون العقاب عاجلا أم آجلا».
كما تخلّل الاحتفال كلمات لكل من منسق الأمانة العامة لقوى «14 آذار» النائب السابق فارس سعيد، ومصطفى فحص ممثلا «قوى المجتمع المدني».
من جهة أخرى، رأت نازك رفيق الحريري، في كلمة مسجلة بثت في قاعة مسجد محمد الأمين، حيث نظمت ندوة تحت عنوان: «رفيق الحريري ومشروع الحداثة»، أنّ «الجميع مسؤولون، كلّ من موقعه».